کد مطلب:168191 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:155

هل اشترک اهل الشام فی واقعة الطف؟
ذهب المسعودی إلی أنّ واقعة الطفّ لم یحضرها شامیُّ، حیث قال: (وكان جمیع من حضر مقتل الحسین من العساكر وحاربه وتولّی قتله من أهل الكوفة خاصة، لم یحضرهم شامیُّ...)، [1] لكنّ هناك متوناً تأریخیة قد یُستفاد منها أنّ أهل الشام قد حضروا كربلاء یوم عاشوراء، منها:

ما رواه ابن سعد فی طبقاته قائلاً: (ودعا رجل من أهل الشام علیَّ بن حسین الاكبر و أمّه آمنة بنت أبی مرّة بن عروة بن مسعود الثقفی، وأمّها بنت أبی سفیان ابن حرب فقال: إنَّ لك بأمیرالمؤمنین قرابة ورحماً، فإنْ شئت آمنّاك وامضِ حیث ما أحببت فقال: أما واللّه لقرابة رسول اللّه (ص) كانت أولی أن تُرعی من قرابة أبی سفیان،ثمّ كرّ علیه...). [2] .


وما رواه ابن عبد ربّه قائلاً: (ورأی رجل من أهل الشام عبداللّه بن حسن بن علیّ وكان من أجمل النّاس فقال: لاقتلنّ هذا الفتی...). [3] .

وما رواه ابن قتیبة قائلاً: (قال الامام علیّ بن الحسین (ع): فممّا فهمته وعقلته یومئذٍ مع علّتی وشدّتها أنّه أُتی بی إلی عمر بن سعد، فلمّا رأی ما بی أعرض عنّی فبقیت مطروحاً لما بی، فأتانی رجل من أهل الشام فاحتملنی فمضی بی وهو یبكی...). [4] .

وما رواه ابن أعثم الكوفی قائلاً: (ثمّ حمل رضی اللّه عنه أی علیّ الاكبر(ع) فلم یزل یقاتل حتّی ضجّ أهل الشام من یده ومن كثرة من قتل منهم...). [5] .

وورد فی كتاب مناقب آل أبی طالب (ع): (عندما صاح القاسم بن الحسن: یاعمّاه. حمل الحسین علی قاتله عمر بن سعید الازدی فقطع یده، وسلبه أهل الشام من ید الحسین..)، [6] وفیه أ یضاً:(وبعث ابن زیاد شمر بن ذی الجوشن فی أربعة آلاف من أهل الشام...). [7] .


وممّا رواه الشیخ الصدوق (ره): (..وأقبل عدوّ اللّه سنان بن أنس الایادی وشمر بن ذی الجوشن العامری فی رجال من أهل الشام حتّی وقفوا علی رأس الحسین (ع)،فقال بعضهم لبعض: ما تنظرون!؟ أریحوا الرجل...). [8] .

ومّما رواه الشیخ الكلینی (ره) عن الامام الصادق (ع) أنه قال: (.. تاسوعاء یومٌ حوصر فیه الحسین (ع) وأصحابه رضی اللّه عنهم بكربلا، واجتمع علیه خیل أهل الشام وأناخوا علیه...). [9] .

وممّا یُلاحظ علی هذه المتون أنّ مصطلح (أهل الشام) فیها ربما كان المراد منه وهذا هو الاظهر والاقوی: هویة إنتماء هذا الجیش سیاسیاً (الهویّة السیاسیة) لا أنَّ هذا الجیش متكوّن من أفرادهم من سكّان الشام، وممّا یؤكّد هذا: ما ورد فی روایة الكلینی (ره): (واجتمع علیه خیل الشام...)، وما ورد فی روایة ابن أعثم الكوفی (حتّی ضجَّ أهل الشام من یده ومن كثرة من قتل منهم..)، وما ورد فی روایة المناقب (وسلبه أهل الشام من ید الحسین)، فإنّ المراد فی كلّ هذه المتون الثلاثة هو جیش ابن زیاد المتألّف جُلّه من أهل الكوفة وقبائلها، ومن الادلّة علی ذلك أنّ ما ورد فی هذه المتون الثلاثة ذكرته مصادر أخری بدون مصطلح (أهل الشام) بل أشارت إلی أنّ أولئك هم أهل الكوفة.

نعم، قد یكون أظهر هذه المتون دلالة علی حضورأهل الشام ما ورد فی كتاب مناقب آل أبی طالب (ع): (وبعث ابن زیاد شمر بن ذی


الجوشن فی أربعة آلاف أیّام التعبئة لم تذكر أنّ هؤلاء كانوا من أهل الشام، [10] ویضاف إلی هذا أنّ المصادر التأریخیة أیضاً لم تذكر أنَّ واحداً أو أكثر من القادة العسكریین الشامیین قد حضروا كربلاء یوم عاشوراء، ولوأنّ بعض القطعات العسكریة الشامیّة كانت قد حضرت كربلاء، لكان التأریخ قد ذكر القادة العسكریین الذین كانوا أمراءعلیها، وهذا مالم نعثر علیه حسب متابعتنا فی المصادر التأریخیّة المبذولة.

من هنا نقول: إننا لانقطع كما یقطع المسعودیّ أنَّ جیش ابن زیاد لم یحضر فیه حتی شامیُّ واحد بل نقول: من الممكن العادی أن یحضر فی جیش ابن زیاد أفراد متفرّقون كثیرون من الشام، بل لعلَّ من غیر الممكن أنّ لایتحقق هذا،ذلك لانّه لابدّ للسلطة المركزیة فی الشام من مراسلین وجواسیس شامیین یعتمدهم یزید بن معاویة، یواصلونه بكلّ جدید عن حركة الاحداث فی العراق عامّة والكوفة خاصة.

لكننا نقطع: بأنّ الشام لم یبعث الی ابن زیاد بأیّة قطعات عسكریة شامیّة للمساعدة فی مواجهة الامام الحسین (ع)، وذلك لخلوّ التأریخ من أیة إشارة معتبرة تفید ذلك،بل التأریخ یشیر من خلال دلائل كثیرة إلی أنّ ابن زیاد أراد أن یثبت لیزید قدرته الاداریة الفائقة من خلال الاكتفاء بتعبئة الكوفة فقط للقضاء علی الامام (ع) وأصحابه رضوان اللّه تعالی علیهم.

وإنّ من یتابع هذا المعنی الذی قدّ مناه فی المصادر التأریخیة یجده واضحاً بیّناً.



[1] راجع: مروج الذهب:71:3 و عنه ابن الجوزي في تذكرة الخواص:226.

[2] راجع: ترجمة الإمام الحسين عليه السلام و مقتله؛ من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد، تحقيق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي (ره)، ص 73، ويلاحظ هنا أنّ ابن سعد ذكر أنّ أمّ علي الأكبر هي آمنة، لكنّ المحقّق المرحوم السيّد المقرّم في كتابه القيّم: «عليّ الأكبر» ذكر أنّ إسمها الشريف (ليلي) و قال: «وما ذكرناه من إسمها نصّ عليه الشيخ المفيد في الإرشاد، والطبرسي في إعلام الوري، واختاره ابن جرير في التأريخ، وابن الأثير في الكامل، واليعقوبي في تاريخه، و السهيلي في الروض الآنف». (كتاب علي الأكبر عليه السلام، للمقرّم:9).

[3] راجع العقد الفريد:125:5.

[4] عيون الاخبار:106و شرح الاخبار: 157:3.

[5] الفتوح: 131:5.

[6] مناقب آل ابي طالب عليهم السلام 109:4.

[7] نفس المصدر: 98:4.

[8] أمالي الشيخ الصدوق: 138المجلس الثلاثون، حديث رقم 1.

[9] الكافي: 4، كتاب الصيام: 147، حديث رقم 7.

[10] راجع مثلا: الفتوح 157:5 و الارشاد: 95:2 و مقتل الحسين عليه السلام للمقرم: 200.